تواصل المملكة العربية السعودية ترسيخ مكانتها كمركز عالمي لصناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية، من خلال استضافتها لبطولات دولية ضخمة تستقطب اهتمام اللاعبين والمشجعين من مختلف أنحاء العالم. و تندرج هذه الخطوة ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز الصناعات الإبداعية، وتمكين الشباب في مجالات التقنية والابتكار.
في هذا الإطار، شهد عام 2024 انطلاق النسخة الأولى من كأس العالم للرياضات الإلكترونية، والتي تُعد الأضخم عالميًا من حيث عدد البطولات وقيمة الجوائز، إذ بلغ مجموع الجوائز 62 مليون دولار أمريكي، وشملت البطولة 22 لعبة احترافية تأهل لها اللاعبون والفرق من مختلف دول العالم عبر برنامج “الطريق إلى كأس العالم”.
وقد حصد فريق فالكونز السعودي لقب البطولة بعد تحقيقه أكثر من 5000 نقطة في فئة الأندية، ونيله جائزة قدرها 7 ملايين دولار أمريكي. وتم تكريم هذا الإنجاز من قِبل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في لحظة تاريخية تعكس مدى الاعتزاز الوطني بإنجازات الشباب السعودي، وتؤكد الحضور القوي للفرق واللاعبين السعوديين على الساحة الدولية.
النسخة الثانية من كأس العالم 2025: تطورٌ في الحجم والتأثير
تواصل المملكة في عام 2025 استضافة النسخة الثانية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية، والتي تقام في العاصمة الرياض على مدى 8 أسابيع، وتشمل 24 بطولة عالمية، بزيادة عن النسخة السابقة. كما ارتفع إجمالي الجوائز إلى 70 مليون دولار أمريكي، ما يعكس حجم التطور والاهتمام المتزايد بالحدث.
وما يميز هذه النسخة هو البُعد الثقافي المضاف عبر مهرجان كأس العالم للرياضات الإلكترونية، الذي يعزز من البُعد الترفيهي والثقافي للبطولة، ويجسد الارتباط العميق بتاريخ الألعاب وتطورها. هذا التنوّع يساهم في خلق تجربة متكاملة تجمع بين المنافسة، الابتكار، والتفاعل المجتمعي، ويمنح المواهب السعودية فرصة حقيقية لاستعراض إمكاناتهم أمام جمهور محلي وعالمي.
شغف مجتمعي ودعم متنامٍ:
تشير بيانات تقرير “سافي” السنوي لعام 2023 إلى أن نحو 70% من سكان المملكة يصنفون أنفسهم كلاعبين لألعاب الفيديو، كما تجاوز عدد اللاعبين المحترفين في السعودية حاجز 3500 لاعب ولاعبة، بفضل الدعم المتواصل من برامج مثل الدوري السعودي الإلكتروني الذي ينظمه الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية.
هذه الأرقام تعكس شغفًا حقيقيًا من المجتمع، وتُبرز مدى اندماج الرياضات الإلكترونية في نسيج الحياة اليومية والثقافة الشعبية في المملكة.
فرص واعدة واقتصاد رقمي متنامٍ:
استضافة المملكة لهذه البطولات العالمية تمثل فرصة استراتيجية لتوجيه طاقات الشباب نحو مسارات مهنية مستقبلية في مجالات تصميم الألعاب، تطويرها، البث الرقمي، وتنظيم الفعاليات. كما تفتح آفاقًا لإنشاء برامج تعليمية وتدريبية بالشراكة مع جامعات ومؤسسات دولية، بهدف إعداد جيل سعودي مبدع وقادر على المنافسة في أحد أكثر القطاعات نموًا عالميًا.
وفي ظل الدعم الحكومي الواسع ممثلًا بالاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، إلى جانب الاستثمارات الكبيرة من القطاعين العام والخاص، أصبحت المملكة بيئة خصبة لنمو صناعة الألعاب، والمساهمة في بناء اقتصاد رقمي قائم على الابتكار والمعرفة.
خاتمة
التفاعل الواسع من السعوديين مع بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية يعكس حجم الشغف والإمكانات التي يمتلكها المجتمع تجاه هذا القطاع. ومع استمرار الاستثمار في البنية التحتية والمواهب الوطنية، فإن المملكة تسير بخطى واثقة نحو أن تصبح عاصمة عالمية للرياضات الإلكترونية، ووجهة رئيسية لصناعة المستقبل الرقمي.
الكاتب:
فارس القحطاني
